Friday, September 15, 2017

المقالات التأسيسية الثلاث

المقالات التأسيسية الثلاث

هذه سلسلة من المقالات التي نشرت باللغة الإنكليزية إبتداءً من حزيران/يونيو ٢٠١١، و قد تم نشرها على عدة صفحات و منشورات مؤازرة لسوريا و من ثم جمعهت و نشرت في كتاب بعنوان "ملحمة عزة نفس، حكاية الحرب ضد سوريا" في نيسان ٢٠١٦.

و الآن تتم ترجمة هذه المقالات للغة العربية، و سيتم نشرها تباعاً هنا فور تعريبها. 

كُتِبَت المقالات أصلاً باللغة الإنكليزية بهدف توصيل قصة حقيقة ما يجري في سوريا إلى العالم. آنذاك، كان معظم الغربيون ووكالات إعلامهم بعيدة كل البعد عن الحقائق، و كان الناشطون العرب منهمكون بكتابة المقالات باللغة العربية، و المقالات التي قُيِّضَ لنا أن نكتبها و ننشرها، كانت المقالات الأولى التي كتبها و نشرها ناشطون عرب باللغة الإنكليزية، و بكل تواضع، نفتخر بهذا الإنجاز.  

تعتبر المقالات الأولى الثلاث مقالات تأسيسية تشرح خلفية الحرب و كيفية تواطؤ أعداء سوريا و أسباب تعاونهم مع بعضهم البعض.  

الجدير بالذكر أن تلك المقالات التأسيسية الثلاث تحتوي النقاط المهمة التالية: 

أولاً: إظهار وهن التحالف المعادي لسوريا و تشرذمه العقائدي و تعددية أهدافه. و هذا مؤشر كبير أن تفككه وانهياره كان مسألة وقت فقط. 

ثانياً: توضيح هدف المؤامرة و تحديده بضرب المقاومة و ضمان أمن إسرائيل. 

ثالثاً: عند كتابة هذه المقالات، لم يكن هناك على الأرض أي من المنظمات التكفيرية الإرهابية، إلا أَت المقالات قد باشرت للتنبيه إلى دور الأصولية السنية المستقبلي و للتحذير من حبها للإجرام و سفك الدماء قبل ظهور ذلك التيار للعلن و قبل تأسيس جبهة النصرة و داعش بسنين.  

ليس بالغريب أن شعوباً و فصائلاً متباينة ساندت بعضها البعض لقتال سوريا. فسوريا هي الشوكة بعين إسرائيل و الخليج العربي الأصولي الوهابي المتخلف و اليمين اللبناني المتواطئ مع إسرائيل. و ليس بالغريب أيضاً أن سوريا استقطبت أنصارها في تيار المقاومة المحلية و الإقليمية و الدولية، و تغلبت على الصعاب و انتصرت. 

هذه المقالات كتبت على فترة خمس سنين، وواكبت تطورات الأحداث عند حدوثها. لم يكن من باب القصيد يوماً أن تجمع بكتاب، و لكن بعد نشر الكتاب بلغة كتابتها الأصلية الإنكليزية، و تشجيع القرّاء و طلبهم الملح لترجمة المقالات للغة العربية، قررنا ترجمتها و نشرها بهدف النظر إليها ليس فقط بقصة حرب، بل أيضاً بعبرة للمستقبل.

عند انتهاء ترجمة جميع المقالات، سيتم نشر الكتاب باللغة العربية.

الكوكتيل المعادي لسوريا

غسان قاضي

٩ حزيران ٢٠١١

الأمير بندر بن سلطان هو ابن ولي العهد السعودي، و لكن كما يبدو، فهو يدير دولة خاصة له ضمن الدولة السعودية. إنه حقاً بأمير فاسد و متطرف، و لكن بنكهة تناسب الأجندة الأميركية في الشرق الإوسط.

و كما قامت أميركا بدعم بن لادن في الثمانينات بسبب جنوحه و تطرفه و معاداته للإتحلد السوفييتي، تقوم أميركا الْيَوْمَ بدعم بندر بسبب عدائه لإيران. 

و بندر ينتمي ألى الفكر السني الأصولي الوهابي، و أعداءه في الدين و المذهب هم الشيعة ليس لسبب آخر غير تعصبه المذهبي و كونهم شيعة. 

ما يثير ذعره و هلعه هو تقدم إيران الشيعية، و يشاركه في هذا التخوف العديد من السنة، و حتى المعتدلين منهم. إلا أن بندر على تمام الإستعداد لمقاومة نمو النفوذ الإيراني ولو توجب ذلك استعمال القوة. وقد وجد بندر شريك مناسب له في شخص الزعيم اللبناني سعد الحريري الذي يتهم سوريا باغتيال أباه رفيق الحريري و أخذ على نفسه عهداً أن ينتقم من سوريا و من حزب الله الشيعي اللبناني.

وهكذا، فأن بندر و سعد يران أن حزب الله يشكل خطراً أشد وطأة من خطر إسرائيل. و كما أن سوريا هي حليفة إيران و كما أنها تدعم حزب الله، فهي تلقائياً تصبح عدوة شخصية ليس لبندر فحسب، بل لسعد أيضاً.

هنا يجب التذكير و التأكيد أن عداءهم هذا تجاه سوريا لا يمت لأسباب استراتيجية أو مبدئية، بل لأسباب دينية مذهبية فقط لا غير. 

و بدوره، يقوم الحريري بتوظيف أشخاص محليين لكي يتولوا القيام بعمله القذر، و هكذا فقد قام شخصياً بتمويل منظمتين أصوليتين في لبنان؛ فتح الإسلام و السلفيين. 

وقد قام الجيش اللبناني بوضع حد لفتح الإسلام في معركة شرسة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين حيث تمركزوا. و المخيم هذا هو قريب من مدينة طرابلس، و هي ثاني أكبر مدينة في لبنان و ذات أغلبية سنية. و قد اضطر الآلاف من سكان المخيم إخلاءه. وَمِمَّا يصير السخرية، أن توقيت هذه المعركة كان في سنة ٢٠٠٧ و في عهد حكومة فؤاد السنيورة الموالي للحريري. 

و مما يزيد من السخرية أن أميركا كانت أثناءها تدعم الجيش اللبناني لقتال التنظيم الذي ساهمت في خلقه. فلم يكن بمستطاع أميركا أَن تُرى عالمياً و إعلاميا أنها ترفض طلب العون من لبنان، ولكن في الوقت نفسه، فإن تضامن بندر و سعد الحريري و إنشائهم جيش فتح الإسلام قد تم بالتنسيق مع الأميركان و مساعدتهم. 

مصير شاكر العبسي قائد جيش فتح الإسلام لا يزال غير معروف، فقد فر إلى جهة مجهولة، و جل ما يعرف عنه الْيَوْمَ أنه مطلوب من العدالة. إلا أن الشيخ الطرابلسي داعي الإسلام الشهال رئيس التيار السلفي هر حر طليق و يخطى بدعم وحماية الحريري بشكل سافر. 

و ليس هناك أية أجندة للسلفيين سوى تدمير كل ما هو شيعي، و تنظيمهم هذا يتطابق تماماً مع تنظيم القاعدة، و بالرغم من هذا، فهم يحوذون على دعم الولايات المتحدة من خلال بندر بن سلطان و سعد الحريري.

قد يتساءل البعض عن هدف أميركا في دعمهم. السبب لذلك بسيط جداً. 

الولايات المتحدة تصنف أعداءها وفقاً لعدائهم لإسرائيل، و ليس وفقاً لعدائهم لأميركا نفسها. و من هنا، فبالرغم من أن تنظيم القاعدة هو حالياً عدو أميركا الأول، فإن عدو إسرائيل الأول هو حزب الله.

حزب الله يستلم أسلحته من إيران مروراً بسوريا. و كما أن سوريا و حزب الله هم الأعداء الطبيعيين للأصوليين السنة، فإن كان إضعاف محور حزب الله و سوريا يتطلب التعاون مع تنظيم القاعدة، تجد أميركا نفسها مستعدة لذلك لطالما أن ذلك يحمي أمن إسرائيل. 

وهكذا، فبينما تقاتل أميركا تنظيمي القاعدة و الطالبان في أفغانستان، و بينما يزج أعضاء حلف الأطلسي الناتو برجالهم و نسائهم و عتادهم العسكري في تلك الحرب، لا تجد أميركا أي حرج في دعمها لتنظيمات مساندة للقاعدة في لبنان. 

ويلعب أمير قطر دوراً كبيراً في الحلف المعادي لسوريا، فقناة الجزيرة التي يملكها تؤجج الوضع في سوريا و تصب الزيت على النار. 

مما لا شك فيه أن سوريا تحتاج للكثير من الإصلاح و محاربة الفساد. و بالفعل فقد قام الرئيس بشار الأسد منذ توليه السلطة بالكثير و العديد من الإصلاحات، و لكن الحق يقال أنه لم يفلح كثيراً بمحاربة فساد المقربين إليه. و مع هذا، فقد نهضت سوريا نهضة كبيرة خلال أولى سنوات عهده و أصبحت واحة من الأمن و السلام و العلمانية السياسية. 

إلا أن لسوريا ثلاثة أصناف من الأعداء. و الحلف الأميركي الإسرائيلي هو الفريق الأول وهو الصنف الطبيعي. 

وفِي داخل سوريا نفسها، فإن المتطرفون السنة يودون الإطاحة بالنظام العلماني تحت شعار "المسيحي لبيروت و العلوي للتابوت". وقد وجد أولئك الأصوليون فرصة عمر في "الربيع العربي" و تلطوا أولاً تحت ستار الإصلاح الديموقراطي و ما أن وطأت أقدامهم الارض، باتوا يؤججون الكراهية المذهبية ضد العلويين و الشيعة. 

و خارج حدود سوريا القربية منها في لبنان نجد أيضاً العديد من التنظيمات المناوئة لسوريا. وإذا كان من داعي السخرية أن نرى أنه هناك تحالفاً بين أميركا و تنظيم القاعدة في لبنان، فالسخرية الأكبر أن السلفيين السنة قد وجدوا في المسيحية السياسية اللبنانية المتطرفة حليفاً لهم من مبدأ عدو عدوي صديقي. 

ما يجمعهم هو كرههم لسوريا.

إذا شاء القدر أن يسقط الأسد، فأميركا تود استبداله بسوريا مقسمة و مشرذمة و ضعيفة. تحقيق هذا المخطط لَيْس بالمستحيل، و لكن الحلف المعادي لسوريا لا يدرك أنه هناك الْيَوْمَ الكثير من السوريين الذين أخذتهم الأحداث على غرة و لا يزالون بحالة صدمة لا يدرون ما هي حقيقة الأمور و ضخامة المؤامرة على سوريا. 

قريباً سيتحدون تحت قيادة بشار الأسد و لن يسمحوا لمخطط التشرذم أن يمر. 

لعل أسوأ ما يمكن حدوثه هو سقوط سوريا تحت طغيان الإسلام المتطرف الأصولي. ولو حصل ذلك، ستكون سوريا الخاسر الأول و الأكبر، ولكن بذلك، سينقلب السحر على الساحر و ستجد إسرائيل نفسها مطوقة بحزام سني أصولي. 

و على كل من لا يصدق أن تلك التحالفات الغير منطقية هي بالفعل واقع على الأرض، فما عليه إلا أن بحزم حقائبه و يتوجه إلى لبنان و سوريا. و على كل من يؤازر تلك الثورة المزعومة في سوريا من منطلق نشر الديموقراطية و الحرية أن يعيد النظر بما أملي عليه،

First Published 9 June 2011 on Ghassan Kadi's Facebook Page
https://www.facebook.com/notes/ghassan-kadi/the-anti-syrian-cocktail/135957233147099/

الحقد المعادي لسوريا

غسان قاضي
٩ حزيران ٢٠١١

من الصعب فهم خلفية الموقف الغربي المناوئ لسوريا بدون الأخذ بعين النظر المعطيات و الأحداث التاريخية الإقليمية المعاصرة التي  ساهمت بوصوله إلى حيّز الوجود.

و لحسن الحظ، فليس علينا بالعودة إلى ما وراء سنة ١٩٨٢، و هي سنة الإجتياح الإسرائيلي للبنان و طرد منظمة التحرير الفلسطينية منه. 

فقبيل سنة ١٩٨٢ قامت إسرائيل بتأمين حدودها مع مصر و مع الأردن أثر عقد إتفاقياتي سلام مع الدولتين. أما صمت الجبهة السورية فكان لا بد منه أن يبقى على ما هو  من عدم ثبات. وفِي واقع الحال، فلم يكن لسوريا آنذاك القدرة العسكرية  الكافية التي تمكنها من خوض حرب تقليدية مع إسرائيل. و قد شكل هذا الواقع نوعاً من الطمأنينة التي كانت إسرائيل تتوخاها على تلك الجبهة. و لم يبق من خنجر ينعر إسرائيل في خاصرتها آنذاك بالتحديد إلا وجود المقاومة الفلسطينية في الجنوب اللبناني. 

ولهذا السبب ، و بعد ترحيل منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إثر اجتياح سنة ١٩٨٢، تراءى لإسرائيل أنها تمكنت من تحويل لبنان إلى دولة خانعة، و لم لا؟ فقد احتلت العاصمة بيروت و أوصلت عميلها بشير الجميل إلى الفوز بالأنتخابات الرئاسية. 

إلا أن اغتيال بشير الجميل قبل توليه سدة الرئاسة على يد عنصر من الحزب السوري القومي الإجتماعي قد غير مراهنات إسرائيل رأساً على عقب. فبموته، خسرت إسرائيل حليفاً قوياً و شخصية  ذات نفوذ لا مثيل له في لبنان. 

و خلال عهد رئاسة أمين الجميل، شقيق بشير الذي إنتُخب بعد أيام قليلة من اغتيال أخيه بشير، أُرغِمت الدولة اللبنانية للدخول في مفاوضات فك اشتباك و سلام مع إسرائيل تُوِّجت بما عرف آنذاك باتفاقية ١٧ أيار. وبالواقع فقد كانت تلك الإتفاقية بمثابة اتفاقية استسلام، و بعد مخاضها الطويل و المرير، رفض الرئيس أمين الجميل توقيعها، و ربما خوفاً من أن يدفع ثمن تخاذله بدمه.

مهما يكن من أمر، فقد وصلت العلاقات بين لبنان و إسرائيل إلى مرحلة أصبح التطبيع فيها مسألة وقت. 

في تلك المرحلة، تقلص النفوذ السوري في لبنان إلى وضع يشبه العدم بالرغم من بقاء الجيش السوري في المناطق اللبنانية التي تقع خارج السيطرة الإسرائيلية. و قد توِّج النفوذ الإسرائيلي الذي سيطر على نصف مساحة لبنان بدخول القوات الأميركية و الفرنسية و الإيطالية لحفظ السلام للعاصمة بيروت، ناهيك عن الدعم المعنوي البحري الذي قدمه الأسطول الأميركي السادس و بارجة نيو جيرزي التاريخية و ما تمثله من جبروت. 

الحق يقال أنه في تلك المرحلة، لم تكن هناك أية مقومات لأي مقاومة، حتى في الأحلام. 

الواقع كان مأساوياً و مشوباً باليأس، فكيف كان للبنان، البلد الصغير المشرذم الذي كان قد عانى سبع سنين من حرب أهلية ضروس دمرت بنيته الإقتصادية و السياسية، كيف كان بمقدوره النهوض لمقاومة إحتلال إسرائيلي تدعمه أميركا و دول الغرب الكبرى و قد تطوع جزء كبير من أهله لدعم الإحتلال؟

و من العدم حلق نسر المقاومة العتي. 

و بفضل حكمة و إرشاد الرئيس السوري حافظ الأسد، تمكنت المقاومة اللبنانية من إحراز ضربات موجعة للتحالف الغربي الصهيوني. 

و بالمختصر المفيد، و لأول مرة بعد إنشاء دولة إسرائيل، تمكنت المقاومة اللبنانية من إنزال هزيمة ساحقة مهينة بها. و لأول مرة في تاريخها، فرت جحافل إسرائيل متقهقرة منهزمة دون قيد أو شرط متخلية عن أرض عربية احتلتها بالقوة. حاولت إسرائيل تغطية فشلها بالزعم أنها قامت بانسحاب استراتيجي، و لكن انسحابها من لبنان كان شر هزيمة لكبريائها. 

و كان النصر الميمون أكبر نصر حققته سوريا و لبنان، و تاج إنجازات الرئيس حافظ الأسد، و قد شاء القدر أن يرى الأسد هذا النصر العظيم أياماً قليلة قبل وفاته. 

و هكذا فشلت مراهنة أسرائيل في لبنان و بات من الواضح أن حزب الله عدو إسرائيل الجديد المرابط على حدودها الشمالية هو أكثر تقنية و أصلب عوداً من منظمة التحرير الفلسطينية. و بهذا، عاد النفوذ السوري في لبنان إلى أقوى ما كان عليه قبل اجتياح ١٩٨٢. 

لربما قررت أميركا و إسرائيل آنها أن الوقت قد حان لتأجيج المؤامرة ضد سوريا و قيادتها. و مع مرور الزمن، خُيِّل لهم أن الرئيس الإبن بشار الأسد سيكون هدفاً أسهلاً لهم من الأب الراحل المتمرس بالسياسة.

مهما يكن من أمر، فبشار الشاب لم يتخوف من الإنفتاح بقدر أبيه. و هكذا، فقد فتح أبواب سوريا للتطورات الإعلامية و الإقتصادية و حتى السياسية منها شيئاً فشيء. و بدون أي شك، كان يتوجب على بشار تنظيف  داره من المقربين الفاسدين، و لكن ذلك لم يكن بالسهل و التطرق لهذا الموضوع يخرجنا عن فحوى هذه المقالة. و بهذا الصدد على الغرب أن يفهم أن نظامه "المثالي" الذي يراه من خلال منظار الديموقراطية الغربية لا ينطبق على كل مجتمعات العالم و أممه. أضف إلى ذلك، فإن أصدقاء و حلفاء الغرب في الشرق الأوسط ينتمون إلى أكبر مدارس الدكتاتورية و أشدها وطأة في العالم. 

و عندما انتخب جورج بوش الإبن رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، كان هناك حوله زمرة من ما يسمى بالمحافظين الجدد، و هم بالفعل عصابة من أميركيين متعاطفين مع الصهيونية العالمية و من جملتهم للمثال و ليس للحصر ريتشارد بيرل و بول وولفويتز، و كان يربطهم ببعضهم البعض استغلال وجود بوش في السلطة لتحقيق مآربهم و إيصال أسرائيل إلى وضع يأمن مستقبلها للأبد. 

و لهذا السبب، فقد كانت أعينهم تحدق في سوريا و دورها المقاوم، و لكنهم كانوا بحاجة إلى سبب مقبول عالمياً يبرر لهم شن عدوان على سوريا. و لهذا، باتوا يبحثون عن عدو مكروه عالمياً، و هكذا توصلوا للعدو المثالي و الذريعة المثلى. 

و قد أعطت هجمات ١١ أيلول إدارة بوش الضوء الأخضر للقيام بعدوان على أية دولة تعتبر متورطة، و بهذا العذر، ابتدأ التهجم على صدام و العراق. و يحب ألا ننسى أن في العراق نفط، و النفط مادة دسمة تجلب المستنفعين. و هكذا، رص المحافظون الجدد زمرهم و جمع نائب الرئيس تشيني معهم المستثمرين و نابشي الفضلات و قرروا اجتياح العراق، و ما تبقى كتبه التاريخ. 

و لكن على عكس المعتقد السائد، فنفط  العراق لم يكن بالسبب الأساسي لاجتياحه. أميركا اجتاحت العراق لتحقيق أمن إسرائيل، و لم يكن النفط سوى بمادة التزييت التي سهلت الأمر. 

ولكن كيف يحقق اجتياح العراق أمن إسرائيل بالرغم من عدم وجود حدود مشتركة ببن البلدين؟

زعزعة الكيان العراقي و إزاحة تهديد صواريخ السكاد كانا سببان كافيان لذلك، ولكن كان لأميركا مخطط أبعد من ذلك. 

كانت أميركا تهدف أن تجعل من العراق منصة لشن هجوم شرقي على إيران و آخر غربي على سوريا. 

و بالفعل، فبعيد خطاب بوش العنجهي الذي أعلن فيه النصر على صدام، بدأت أميركا باتهام سوريا بدعم المقاومة العراقية. كانت أميركا تهدف لتصعيد هذا الأتهام لتثبت للعالم أنه ليس بالإمكان إتمام السيطرة على العراق دون السيطرة على سوريا. و كان لدى الإميركان نفس الرؤية و الغاية تجاه إيران.

و عملاً بغرورها، ظنت المؤسسة الأميركية أنه بإمكانها السيطرة التامة على العراق و إيران و سوريا. 

و لكن المستنقع الذي وجدت إسرائيل نفسها فيه لعقد خلا في لبنان لم يكن أرحم للأميركان من المستنقع العراقي الذي نصبوه لأنفسهم. فعوضاً أن يولوا اهتمامهم لشن حرب على سوريا، صار همهم الإنسحاب من العراق و تجنب المزيد من الخسائر. 

في تلك الحقبة الزمنية، هجر أكثر من مليون عراقي لسوريا، و بشكل غير مباشر، ساهمت سوريا بتخفيف وطأة الإزمة الإنسانية التي سببها الإجتياح الأميركي للعراق. و لكن حتى لو لم تقدم سوريا ذلك العون، فازدياد النفوذ السوري الإقليمي قد سبب الكثير من القلق للأميركان و الإسرائليين و خصوصاً أن سوريا وقعت وثيقة دفاع مشترك مع إيران. 

في حينها، تبين أن حنكة السياسة السورية وًحكمة الأسد الأب و الإبن قد ألحقت هزيمتين متتاليتين بالتحالف الأميركي الأسرائيلي. و بالإضافة لذلك، فقد ازداد حزب الله قوة و طالت صواريخه ما بعد حيفا في حرب تموز ٢٠٠٦.

عندها، توصل  الأميركان و الإسرائيليون إلى قناعة ضرورة الإطاحة برئاسة بشار الأسد. 

أميركا و إسرائيل يقينتان أنه لو تمت الإطاحة ببشار، فسيخلفه نظام أصولي مذهبي سني وهابي التطلعات. و نعود و نكرر أن أميركا قد كانت لسنوات خلت تدعم و تساند الحركات السنية الأصولية في لبنان. أميركا و إسرائيل تفضلان المغامرة و المقامرة على الأصولية السنية إذا ما قورنت بنظام  الدولة السورية تحت حكم بشار الأسد. 

في نهاية الأمر، فإن أميركا على أتم الأستعداد لمحاربة العالمين العربي و الإسلامي  و هدر المليارات و التوصل إلى الإفلاس مقابل تأمين سلامة إسرائيل المبنية على تفوقها العسكري. 

أميركا لا تعير أي اهتمام للإصلاح في سوريا كما تدعي، كما أنها لا تعير أي اهتمام للحريات و التعددية السياسية. فلدى أميركا و أسرائيل عهد حقد و ثأر مع سوريا المتمثّلة بحكم قيادة الأسد الأب و الإبن، و هما يستثمران الربيع العربي، بدعم من أصدقائهم و حلفائهم في حكام السعودية و قطر.

و أمير قطر هو ليس بالفعل إلا دكتاتور و حليف للأميركان و الأسرائليين. و هو نفسه الذي أباح أرضه للأميركان لشن قاعدتهم لحربهم ضد العراق. و قناة الجزيرة تستغل شعبيتها لتأجيج الحرب في سوريا. ولكن الأمير القطري واهٍ حقاً لو ظن أن إمارته مصونة من الانتفاضات المشابهة لما يحدث حالياً في البحرين. 

أميركا و أسرائيل تران أن وقت تصفية الحسابات مع سوريا قد حان. أما بالنسبة لسوريا، فإن الزمن الحالي هو وقت تقرير المصير.
Originally published on Ghassan Kadi's Facebook Page June 9 2011

https://www.facebook.com/notes/ghassan-kadi/the-anti-syrian-vendetta/135976409811848/



السياسات المعادية لسوريا

غسان قاضي
١٠ حزيران ٢٠١١

في الفصل الثالث و الأخير من مقالات شرح خلفيات العداء تجاه سوريا، يجب التذكير أن الهدف هنا ليس الدفاع عن شخص بشار الأسد، بل أن الهدف هو شرح الوقائع و الأحداث التاريخية التي أوصلتنا إلى الحال الذي نحن عليه.

بعض التعليقات التي وصلتنا أفادت أن التركيز يجب أَن يتوجه مستقبلياً و تطلعياً، و لكن التخطيط المستقبلي لا ينفع الإنسان إذا تناسينا التاريخ و رفضنا التعلم من دروسه.

في الماضي القريب، كان لبنان و سوريا مطابقان لبعضهما البعض لحد بعيد. و لبنان هو بالفعل سلسلة جبال الساحل السوري، و حدوده السياسية الحديثة العهد كانت موضع مد وجزر و هذا أمر يطال حدود معظم الدول، و حتى الكبرى منها كفرنسا.

تاريخياً، وجد مسيحيو المشرق في جبال لبنان ملجأً، و لعل هذا جعل كثافة المسيحيين في حبال لبنان أكثر مما هي عليه في المناطق المجاورة. إلا أن المسيحية هي من صميم سوريا، و اللغة السريانية الآرامية لا تزال حية في بلدات معلولا و صيدنايا المجاورة لدمشق، و هذه هي اللغة نفسها التي نطق بها السيد المسيح.

و ضريح يوحنا المعمدان ، و هو نفسه نبي المسلمين يحي، يقع في داخل الجامع الأموي الكبير في وسط العاصمة دمشق.

و في الأربعينات من القرن المنصرم و عند حصول دولتي سوريا و لبنان على الإستقلال من الإنتداب الفرنسي، لم يكن هناك من فروق ملحوظة بين الدولتين الجديدتين. و قبيل ذلك بقليل و تحديداً أثناء استفتاء سنة ١٩٣٢، صدف وجود أفراداً من نفس العائلة على طرفي الحدود لأسباب ما، و نتج عن ذلك أن العديد من العائلات قسمت بين شطر سوري و شطر لبناني، و لم يعرْ حينها أي من الطرفين أي اعتبار لذلك، لأن الفرق كان شبه معدوم الوجود كما سبق و ذكرنا.

أضف إلى ذلك فإن المصرف المركزي الرسمي كان مشتركاً للدولتين و كان يسمى "بنك سوريا و لبنان"، و ظلت العملة اللبنانية تحمل ذلك الإسم حتى أواسط الستينات و إنشاء "مصرف لبنان" المستقل.

إلا أن الخمسينات التي تلت قد كانت مشوبة بالإضطراب السياسي في سوريا، و قد تبعه ذلك سلسلة من الإنقلابات العسكرية المتتالية في الستينات، و لم تعرف سوريا الإستقرار إلا بعد "الثورة التصحيحية" و استلام حافظ الأسد سدة الرئاسة في سنة ١٩٧١.

وقد عانت سوريا كثيراً في الخمسينات و الستينات جراء عدم الإستقرار السياسي هذا مما أدى إلى هجرة الكثير من الأموال و المتمولين و الخبرات  للخارج. و من البديهي أن لبنان كان المستفيد الأول و الأكبر لتلك الهجرة. وفِي هذه الحقبة نفسها، كان لبنان يعيش عهده الذهبي الذي أوصله إلى لقب "سويسرا الشرق"، و العصر الذهبي هذا لم يعول على هجرة الأموال السورية له فحسب، و بالرغم مما سمي بثورة ١٩٥٨، إلا أنها لم تترك آثار تضر بالبلد على المدى البعيد، و هكذا نهض لبنان نهضة كبيرة على العديد من المستويات و الأصعدة.

و عند استلام حافظ الأسد سدة الرئاسة، كانت سوريا فقيرة معدمة، و كانت ثروتها الزراعية مهملة و بنيتها التحتية ركيكة و غير فعالة. و بالإضافة لذلك، فقد كانت سوريا و لا تزال، في حالة حرب مكلفة مع إسرائيل.

وَمِمَّا زاد في تعميق الشرخ بين لبنان و سوريا أن نظلم سوريا السياسي كان عسكرياً اشتراكياً بينما كان للبنان إقتصاد منفتح و نظام سياسي أشبه به للأنظمة الغربية.

و هكذا فكلما ازداد لبنان ثراءً و انفتاحاً، إزدادت سوريا فقراً و انغلاقاً، و أصبحت المشاهد على الأرض عند عبور الحدود من لبنان لسوريا شبيهة لما يراه الأميركي عند عبوره الحدود من سان دييغو الأميركية المتطورة إلى تيجوانا في مكسيك العالم الثالث.

ولهذا، كان بناء الوطن الغاية الأولى في نظر الرئيس حافظ الأسد، و لتحقيق هذا الهدف، كان لا بد من اتخاذ قرارات تقشف موجعة و قليلة  التأييد من الكثير من السوريين، و هذا قرار لا يفهمه الغربيون و لا يعرفون كيف يوضع حيّز التنفيذ إذ أن أنظمتهم الديموقراطية تجعل من سياسات التقشف بغية نهضة الأوطان من الأمور المستحيلة. فالتقشف البناء لا يمكن أن يمارَس بشكل فعال إلا إذا كانت الحكومة القيمة عليه لها من الصلاحيات ما يؤمن لها الإستمرارية، أو أن يكون هناك توافق بين حزبي الحكومة و المعارضة عليها، و واقع أحزاب الغرب و مهماجمتهم لبعضهم البعض بغية الوصول إلى  السلطة يجعل من التوافق هذا من المستحيلات السبع.

إلا أن حظ لبنان وصل إلى حائط مسدود في أواسط السبعينات و عمد اندلاع الحرب الأهلية الطائفية فيه، و بسرعة تغير وجه لبنان من بلد ذو حلة غربية متطورة، إلى بلد تسوده الفوضى و الإجرام.

و لما بدأ الإنهيار اللبناني و عاش أهله سنيناً طويلة تحت حكم فكر المنظمات الطائفية و تأثيرها على عقول الشبيبة، كان طلاب المدارس السوريون يتلقون دروساً في المواطنية و القومية العربية و العلمانية السياسية.

و بينما كانت المنظمات و الميليشيات اللبنانية تُمارس الخطف الطائفي على الهوية و تعذب و تقتل و تشوه جثث قتلاها، أصبح النقاش الطائفي، و حتى سؤال شخص ما لأي دين و طائفة ينتمي، جريمة يعاقبها القانون السوري.

و بينما تعود اللبنانيون على الفوضى و أخذ حقهم بيدهم إن طالت، تعلم السوريون القانون و الإنضباط تحت طائلة العقوبة الشديدة لو تلاعب أي منهم بشؤون الأمن و الإستقرار.

و إن كانت الدولة السورية قد نُعِتتْ بالدكتاتورية و احتكارية للسلطة ووضعها بيد حزب البعث فلأنها ضبطت النظام و حكم القانون و سعت جاهدة أن تحول دون دخول حالة الفوضى التي تشوب لبنان  إلى أراضيها. وقوي أثناءها نفوذ المخابرات التي لم تفتح أي مجالاً للعبث.

وفي أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات، حاولت الجماعات الإسلامية السورية السنية المتطرفة إثارة الفوضى و الحقد المذهبي. فبنظرهم، الرئيس حافظ الأسد هو كافر، لمجرد كونه من الطائفة العلوية، و بالفعل فقد قاموا باختطاف و اغتيال العديد من الضباط العلويين بغية استيراد الفوضى التي كانت تعم لبنان و ذلك من أجل تغيير النظام و استبداله بدولة إسلامية سنية تحت نظام الشريعة.

إلا أن قرار الرئيس الأسد كان صارماً، فشن هجوماً على مواقهم، و بخطوة غير مسبوقة، أرسل الجيش لضربهم في أحد جوامع مدينة حماة حيث اختبؤوا.

الجدير بالذكر أن الجماعات هذه لم تكن تهدف التغيير و الإصلاح، بل كانوا بالفعل جماعات إرهابية مجرمة متطرفة و مشابهة بأعمالها و سياستها لتنظيم القاعدة حالياً.

لكن لعل التحدي الأكبر الذي واجهه عهد الأسد الأب هو تحدي الفساد، و بالأخص من المقربين إليه. و على وجه التحديد، فقد صعد رفعت الأسد، شقيق الرئيس، إلى مرتبة عالية من النفوذ شكل فيها جيشاً موالياً له و دولة ضمن الدولة. و كان رفعت و الزمرة المحيطة به جماعة من الفاسدين و اللصوص. وحاول الرئيس الأسد وضع حد لجنوح أخيه دون جدوى، فكان لا بد من نفيه إلى فرنسا.

و بالفعل، فقد استطاع الأسد أن يبعد و يستأصل الكثير من الفاسدين ولكن الفساد مرض عالمي، و القضاء عليه من شبه المستحيل، و سوريا ليست وحيدة بهذا الصدد.

و يجب أيضاً ألا ننسى أن قسوة المخابرات قد طالت الكثير من الأبرياء الذين زجوا في السجون أو اختفوا من الوجود.

مهما يكن من أمر، ففي عند الرئيس حافظ الأسد تغيرت سوريا تغييراً جذرياً. فأصبحت واحة للأمن و الإستقرار و العلمانية السياسية، كما أن البنية التحتية الحديثة قد أعطت القطاعات الصناعية و الزراعية والإقتصادية العنان للإنطلاق صعداً.

و عند وصول بشار الإبن لسدة الرئاسة، كان أكثر تقبلاً للإنفتاح، فأصبحت الإنترنت و الهواتف المحمولة جزءاً من حياة السوريين، كما رفعت القيود الإقتصادية عن الكثير من السلع المستوردة. و شملت حملة الإصلاح التعددية السياسية و سمح للحزب السوري القومي الإجتماعي و للحزب الشيوعي بممارسة نشاطهما. إلا أن الخط الأحمر الذي لم يرض بشار تواجزه فهو خط عدم الإستقرار السياسي و الأمني الممثل بالتيارات الإسلامية الأصولية و ما تضمر هذه التيارات من دعم للإرهاب و الفتن.

و كل من ينفي الإصلاحات التي قام بها الرئيس بشار الأسد و بسرعة منذ توليه الحكم، فهو إما بجاهل للحقيقة أو يشوهها عمداً متعمداً.

و من باب السخرية، فإن الكثير من الإصلاحات التي تطلبها الحكومات الغربية من الدولة السورية الْيَوْمَ هي بالفعل من جملة الإصلاحات التي جرى البت بها مسبقاًً. و أما الإصلاحات الأخرى، فهي مُجَدْولة و سيتم البحث بها في الوقت المناسب و ليس لحظة مطالبة أميركا أو فرنسا بها كما هي الحال الْيَوْمَ.

و من باب السخرية أيضاً أن نرى أن فرنسا تتظاهر بالغيرة على سوريا و السوريين و هي نفسها الدولة التي انتزعت لبنان من سوريا. و لن ننسى أنه بُعَيْد موقعة ميسلون المشرفة، حيث سقط القائد البطل يوسف العظمة و رفاقه الأشاوس في معركة غير مكتافئة مع المحتل الفرنسي، أقسم قائد الحملة الفرنسية الجنرال غورو أن يحمي إستقلال لبنان من سوريا و ألا يسمح بإعادة توحيد البلدين. و غورو هذا هو نفسه الذي وضح حذاءه على ضريح صلاح الدين الأيوبي في دمشق قائلاً "عدنا يا صلاح الدين". و فرنسا هي نفسها أيضاً الدولة التي قصفت بطيرانها سوق الحميدية في دمشق، فبأي وقاحة تقول فرنسا الْيَوْمَ أنها تغار على مصلحة سوريا و السوريين؟ إن في ذلك الإدعاء قمة النفاق.

لعل تقصير بشار الأكبر هو أنه لم ينظف داخل بيته و حاشيته من العناصر الفاسدة كما فعل أبوه. الحق يقال أنه لدى الرئيس بشار العديد العديد من الرجال و النساء الوطنيين المخلصين، و لكنه هناك أيضاً بعض من العناصر الفاسدة التي يجب إستئصالها. بشار يعرف تماماً من هي، و استئصال الفساد هذا يجب أن يكون من أولويات اهتمامه بمجرد استتاب الأمن بعد نهاية الأزمة.

ومع تقصيرها الذي وجب ذكره، فقد حولت قيادة الأسد الأب و الإبن إلى دولة نامية متطورة آمنة. كما تمكنت من إدخال العديد الكثير من الإصلاحات و خلق نموذج سياسي محلي علماني. و إقليمياً ففي عهد الأب و الإبن، تمكنت سوريا من الوقوف وحدها في وجه المشروع الأميركي الصهيوني و منعه من الوصول إلى هدفه، و أخيراً و ليس بآخراً، فقد ألحقت تلك القيادة الحميدة أعظم انتصار و تحقيق أكبرإهانة لإسرائيل في لبنان.

بشار الأسد ليس بالدكتاتور الباطش المتغطرس الذي يصوره الغرب. لا و ليس هو من سارقي أموال الشعوب أمثال حسني مبارك مصر و بن علي الجزائر. و الذين يعرفون بشار عن كثب يشيدون بتواضعه و معاملته و كيف يظهر في الشوارع بدون حرس شخصي و يقود سيارته بنفسه.  و من الصعب جداً تصديق الشائعات التي تدعي أن أحداث سوريا الحالية لا تثير قلقه و حزنه العميق.

ولو سلمنا جدلاً و قلنا أن بشار هو شخصياً مسؤول عما يحدث على الأرض الْيَوْمَ، فيجب ألا ننسى أن استبداله بحكم الجماعات الإسلامية سيشكل تغييراً سلبياً ذَا انعاكسات مأساوية. وإن حذّر حسني مبارك من الفوضى و الإجرام الذي سيجلبه الأخوان المسلمون إذا وصلوا إلى السلطة، فكلامه لربما من إعمال التخويف و كسب شعبية لنفسه فتاريخ الأخوان المسلون في مصر تاريخ متطرف و لكنه أيضاً مسالم، أما الجماعات الإسلامية السورية فتاريخها مجرم و سفاك.

فإذا سقط الأسد، فستسقط العلمانية السياسية و سيستتب حكم الأصولية السنية، و سيتحول النظام إلى فوضى، و النهضة إلى تخلف، و العمران إلى دمار، ولن يكون هناك أية ضمانات لأي تغيير إيجابي ديموقراطي و لإعطاء المزيد من الحريات الفردية.

ليس بالفعل هناك من حجة مقنعة لدعم مشروع رحيل الأسد و بالأخص أن الجهات التي تدعو لذلك لم تقدم أي بديل واضح. جل ما يريدونه هو الثأر الفردي، فبربكم أين الخير بذلك لسوريا و العالم؟ هل أن العرب بحاجة لعراق جديد؟ و هل أن أميركا بحاجة لأفغانستان جديدة؟
Published originally on Ghassan Kadi's Facebook Page 10 June 2011
https://www.facebook.com/notes/ghassan-kadi/the-anti-syrian-politics/136172373125585/

Republished with an introduction by Tony Seed.
https://tonyseed.wordpress.com/2011/06/22/understand-the-bigger-picture-of-syria-history-with-an-agenda/

No comments:

Post a Comment